بازگشت

ذكر طرف من أخبارهم


و كان عبدالله بن علي بن الحسين أخو أبي جعفر عليه السلام يلي صدقات رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و صدقات أميرالمؤمنين عليه السلام، و كان فاضلا فقيها، و روي عن آبائه عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أخبارا كثيرة، و حدث الناس عنه، و حملوا عنه الآثار.

فمن ذلك ما هو مرفوع الي عمارة بن غزية عن عبدالله بن علي بن الحسين أنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: ان البخيل كل البخيل الذي اذا ذكرت عنده لم يصل علي صلي الله عليه و آله و سلم.

و عن عبدالله بن سمعان قال: لقيت عبدالله بن علي بن الحسين فحدثني عن أبيه عن جده عن أميرالمؤمنين عليه السلام أنه كان يقطع يد السارق اليمني في أول سرقته فان سرق ثانية قطع رجله اليسري، فان سرق ثالثة خلده السجن.

و كان عمر بن علي بن الحسين فاضلا جليلا و ولي صدقات النبي صلي الله عليه و آله و سلم و صدقات أميرالمؤمنين عليه السلام و كان ورعا سخيا.

روي الحسين بن زيد قال: رأيت عمي عمر بن علي بن الحسين يشترط علي من ابتاع صدقات علي عليه السلام أن يثلم في الحائط كذا و كذا ثلمة و لا يمنع من دخله أن يأكل منه.

و عن عبيدالله بن حرير القطان قال: سمعت عمر بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب يقول: المفرط في حبنا كالمفرط في بغضنا، لنا حق بقرابتنا من نبينا عليه و آله السلام، و حق جعله الله لنا، فمن تركه ترك عظيما، أنزلونا بالمنزل الذي أنزلنا الله



[ صفحه 669]



به، و لا تقولوا فينا ما ليس فينا، ان يعذبنا الله فبذنوبنا، و ان يرحمنا فبرحمته و فضله.

و كان زيد بن علي بن الحسين عين اخوته بعد أبي جعفر عليه السلام و أفضلهم، و كان عابدا ورعا فقيها سخيا شجاعا، فظهر بالسيف يأمر بالمعروف و ينهي عن المنكر و يطلب بثارات الحسين عليه السلام.

عن أبي الجارود زياد بن المنذر قال: قدمت المدينة فجعلت كلما سألت عن زيد بن علي قيل لي: ذاك حليف القرآن.

و روي هشام قال: سألت خالد بن صفوان عن زيد بن علي و كان يحدثنا عنه فقلت: أين لقيته؟ فقال: بالرصافة [1] ، فقلت: أي رجل كان؟ فقال: كان ما علمت يبكي من خشية الله حتي تختلط دموعه بمخالطه.

و اعتقد كثير من الشيعة فيه الامامة، و كان سبب اعتقادهم ذلك فيه خروجه بالسيف يدعو الي الرضا من آل محمد، فظنوه يريد بذلك نفسه، و لم يكن يريدها به لمعرفته باستحقاق أخيه الامامة من قبله، و وصيته عند وفاته الي أبي عبدالله عليه السلام، و كان سبب خروج أبي الحسين زيد بن علي رضي الله عنه بعد الذي ذكرناه من غرضه في الطلب بدم الحسين عليه السلام، أنه دخل علي هشام بن عبدالملك و قد جمع له هشام أهل الشام، و أمر أن يتضايقوا في المجلس حتي لا يتمكن من الوصول الي قربه، فقال له زيد: انه ليس من عباد الله أحد فوق أن يوصي بتقوي الله، و لا من عباده أحد دون أن يوصي بتقوي الله، و أنا أوصيك بتقوي الله يا أميرالمؤمنين فاتقه، فقال له هشام: أنت المؤهل نفسك للخلافة الراجي لها، و ما أنت و ما ذاك لا أم لك، و انما أنت ابن أمة، فقال له زيد: اني لا أعلم أحدا أعظم عند الله منزلة من نبي بعثه الله و هو ابن أمة، فلو كان ذلك يقصر عن منتهي غاية لم يبعث، و هو اسماعيل بن ابراهيم عليهماالسلام فالنبوة أعظم أم الخلافة يا هشام؟ و بعد فما يقصر برجل أبوه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و هو ابن علي بن أبي طالب أن يكون ابن أمة.

فوثب هشام عن مجلسه و دعا قهرمانه و قال: لا يبيتن هذا في عسكري، فخرج زيد و هو يقول: لم يكره قوم قط حر السيوف الا ذلوا، فلما وصل الكوفة اجتماع اليها أهلها فلم يزالوا به حتي بايعوه علي الحرب، ثم نقضوا بيعته و أسلموه، فقتل رحمة الله عليه.



[ صفحه 670]



و صلب بينهم أربع سنين لا ينكر أحد منهم و لا يغير بيد و لا لسان، و لما قتل بلغ ذلك من أبي عبدالله الصادق عليه السلام كل مبلغ، و حزن له حزنا عظيما حتي بان عليه، و فرق من ماله في عيال من أصيب معه من أصحابه ألف دينار.

روي ذلك أبوخالد الواسطي قال: سلم لي أبوعبدالله عليه السلام ألف دينار و أمرني أن أقسمها في عيال من أصيب مع زيد، فأصاب عيال عبدالله بن الزبير أخي فضيل الريان منها أربعة دنانير، و كان مقتله يوم الاثنين لليلتين خلفتا من صفر سنة عشرين و مائة، و كان سنه يوم قتل اثنين و أربعين سنة.

و كان الحسين بن علي بن الحسين ورعا فاضلا، و روي حديثا كثيرا عن أبيه علي بن الحسين عليهماالسلام و عمته فاطمة بنت الحسين، و أخيه أبي جعفر عليه السلام.

و روي أحمد بن عيسي قال: حدثنا أبي قال: كنت أري الحسين بن علي بن الحسين يدعو، فكنت أقول: لا يضع يده حتي يستجاب له في الخلق أجمعين.

و روي حرب الطحان قال: حدثني سعيد صاحب الحسن بن صالح، قال: لم أر أحدا أخوف من الحسن بن صالح لله تعالي حتي قدمت المدينة، فرأيت الحسين بن علي بن الحسين عليهماالسلام فلم أر أحدا أشد خوفا منه، كأنما أدخل النار ثم أخرج منها لشدة خوفه.

و عن الحسين بن علي بن الحسين قال: كان ابراهيم بن هشام المخزومي واليا علي المدينة و كان يجمعنا يوم الجمعة قريبا من المنبر، ثم يقع في أميرالمؤمنين علي عليه السلام و يشتمعه، قال: فحضرت يوما و قد امتلأ ذلك المكان، فلصقت بالمنبر فأغفيت، فرأيت القبر و قد انفرج و خرج منه رجل عليه ثياب بياض فقال لي: يا أباعبدالله ألا يحزنك ما يقول هذا؟ قلت: بلي والله، قال: افتح عينيك فانظر ما يصنع الله به، فاذا هو قد ذكر عليا عليه السلام فرمي من فوق المنبر فمات لعنه الله.


پاورقي

[1] الرصافة - بالضم -: اسم لمواضع كثيرة الكوفة و الشام و غيرهما.