بازگشت

ذكر ولد أبي جعفر محمد بن علي و عددهم و أسمائهم


قد ذكرنا فيما سلف أن ولد أبي جعفر عليه السلام سبعة نفر، أبوعبدالله جعفر بن محمد عليهماالسلام و كان يكني به، و عبدالله بن محمد أمهما أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، و ابراهيم و عبيدالله درجا أمهما أم حكيم بنت أسد بن المغيرة الثقفية و علي و زينب لام ولد، و أم سلمة لام ولد، و لم يعتقد في أحد من ولد أبي جعفر الامامة الا في



[ صفحه 671]



أبي عبدالله جعفر بن محمد عليهماالسلام خاصة، و كان أخوه عبدالله رضي الله عنه يشار اليه بالفضل و الصلاح.

و روي أنه دخل علي بعض بني أمية فأراد قتله، فقال له عبدالله رحمة الله عليه: لا تقتلني فأكون لله عليك عونا، ولكن لك علي الله عونا، يريد بذلك أنه ممن يشفع الي الله بذلك فيشفعه، فلم يقبل ذلك منه. و قال له الاموي: لست هناك و سقاه السم فقتله رضي الله عنه (آخر قول الشيخ المفيد رحمه الله في هذا الباب).

قال الحافظ أبونعيم في كتاب حلية الأولياء: و منهم الامام الحاضر الذاكر الخاشع الصابر أبوجعفر محمد بن علي الباقر، و كان من سلالة النبوة و جمع حسب الدين و الأبوة، تكلم عليه السلام في العوارض و الخطرات و سفح الدموع و العبرات، و نهي المراء و الخصومات و قيل: ان التصوف التعزز بالحضرة و التميز للخطرة.

عن خلف بن حوشب عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام قال: الايمان ثابت في القلب و اليقين خطرات، فيمر اليقين بالقلب فيصير كأنه زبر الحديد و يخرج منه فيصير كأنه خرقة بالية.

و عنه عليه السلام أنه قال: ما دخل قلب أحد شي ء من الكبر الا نقص من عقله مثل ما دخله من ذلك قل ذلك أو كثر.

و عن سفيان الثوري قال: سمعت منصورا يقول: سمعت محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام يقول: الغناء و العز يجولان في قلب المؤمن، فاذا وصلا الي مكان فيه التوكل أوطناه.

و عن زياد بن خيثمة عن أبي جعفر عليه السلام قال: الصواعق تصيب المؤمن و غير المؤمن و لا تصيب الذاكر.

و عن ثابت عن محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام في قوله تعالي: (أولئك يجزون الغرفة بما صبروا) [1] قال: الغرفة الجنة بما صبروا علي الفقر في دار الدنيا.

و عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: (و جزاهم بما صبروا جنة و حريرا) [2] قال: بما صبروا علي الفقر و مصائب الدنيا.



[ صفحه 672]



و عن جابر - يعني الجعفي - قال: قال لي محمد بن علي: يا جابر اني لمحزون و اني لمشتغل القلب و قد تقدمت قبل.

و عن سعد الاسكاف عن أبي جعفر بن محمد بن علي عليهماالسلام قال: عالم ينتفع بعلمه أفضل من ألف عابد.

و عنه عن أبي جعفر عليه السلام قال: و الله لموت عالم أحب الي ابليس من موت سبعين عابدا.

و عن يونس بن يعقوب عن أخيه عن أبي جعفر عليه السلام قال: شيعتنا ثلاثة أصناف: صنف يأكلون الناس بنا، و صنف كالزجاج يتهشم، و صنف كالذهب الأحمر كلما أدخل النار ازداد جودة.

و عن الأصمعي قال: قال محمد بن علي لابنه: يا بني اياك و الكسل و الضجر، فانهما مفتاح كل شر، انك ان كسلت لم تؤد حقا، و ان ضجرت لم تصبر علي حق.

و عن حجاج عن أبي جعفر عليه السلام قال: أشد الأعمال ثلاثة: ذكر الله علي كل حال، و انصافك من نفسك، و مواساة الأخ في المال.

و عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان الله عزوجل يلقي في قلوب شيعتنا الرعب، فاذا قام قائمنا و ظهر مهدينا كان الرجل أجرأ من ليث و أمضي من سنان.

و عن جابر عن أبي جعفر قال: شيعتنا من أطاع الله.

و عن جعفر عن أبيه محمد عليهماالسلام قال: اياكم و الخصومة فانها تفسد القلب و تورث النفاق.

قلت: قد صدق عليه السلام وبر، و مثله من زاد علي الناس و أبر و هذه الخصومة يريد بها عليه السلام الخصومة في المذاهب و الجدل في الاعتقادات، فان المتخاصمين في هذا اما أن يتساووا في القوة فتفسد قلوبهم و يتحاربون دائما، و اما أن يضعف قوم عن قوم فيحتاجون الي النفاق ليكف القوي بما يراه من اظهار الضعف من التودد اليه، و لو قيل في كل الخصومات الواقعة بين الناس جاز، لاحتمال المعني لها و الله أعلم.

و عن الحكم عن أبي جعفر قال: الذين يخوضون في آيات الله هم أصحاب الخصومات.

و قال عليه السلام: كان نقش خاتم أبي (القوة لله جميعا).

و عن أحمد بن بجير قال: قال محمد بن علي عليهماالسلام: كان لي أخ في عيني عظيم،



[ صفحه 673]



و كان الذي عظمه في عيني صغر الدنيا في عينه.

قلت: هذا الكلام طويل و هو منسوب الي أميرالمؤمنين علي عليه السلام، و هو من محاسن الكلام و مختاره، و قد أورده السيد الشريف الرضي الموسوي رضي الله عنه في نهج البلاغة.

و عن ابن المبارك قال: قال محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام: من أعطي الخلق و الرفق فقد أعطي الخير و الراحة، و حسن حاله في دنياه و آخرته، و من حرم الخلق و الرفق كان ذلك سبيلا الي كل شر و بلية، الا من عصمه الله.

و أسند أبي جعفر محمد بن علي عليهماالسلام عن جابر بن عبدالله الأنصاري.

و روي عن ابن عباس و أبي هريرة و أبي سعيد الخدري و أنس بن مالك و عن الحسن و الحسين عليهماالسلام، و أسند عن سعيد بن المسيب و عبدالله بن أبي رافع.

و روي عنه من التابعين عمرو بن دينار، و عطاء بن أبي رباح و جابر الجعفي و أبان بن تغلب. و روي عنه من الأئمة الأعلام ابن جريج و ليث بن أبي سليم و حجاج بن أرطاة في آخرين عن سفيان بن سعيد الثوري.

حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبدالله أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم أمر النفساء أن تحرم و تفيض الماء عليها، و عن الثوري: أمر أسماء بنت عميس.

و بالاسناد قال: كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول في خطبته: نحمد الله عزوجل و نثني عليه بما هو له أهل، ثم يقول: من يهده الله فلا مضل له، و من يضلل فلا هادي له، ان أصدق الحديث كتاب الله، و أحسن الهدي محمد، و شر الامور محدثاتها، و كل محدثة بدعة، و كل بدعة ضلالة، و كل ضلالة في النار، ثم يقول: بعثت أنا و الساعة كهاتين. و كان اذا ذكر الساعة احمرت و جنتاه و علا صوته و اشتد غضبه، كأنه نذير جيش صبحتكم و مستكم، ثم قال: من ترك مالا فلأهله، من ترك ضياعا أو دينا فالي أو علي، أنا ولي المؤمنين، صحيح ثابت من حديث محمد بن علي، رواه وكيع و غيره عن الثوري.

و بالاسناد قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: كيف أنعم و صاحب القرن قد التقمه صاحب الحوت، وحنا جبهته و أصغي بسمعه و ينتظر متي يؤمر فينفخ، قالوا: يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال: قولوا: حسبنا الله و نعم الوكيل. غريب من حديث الثوري عن جعفر تفرد به الرملي عن القرباني، و مشهوره ما رواه أبونعيم و غيره عن الثوري عن



[ صفحه 674]



الأعمش عن عطية عن أبي سعيد الخدري.

و عن جابر عن جعفر بن محمد قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: ان ابن آدم لفي غفلة عما خلقه الله له، ان الله لا اله غيره اذا أراد خلقه قال للملك: أكتب رزقه و أثره و أجله و اكتب شقيا أو سعيدا، ثم يرتفع ذلك الملك، و يبعث اليه ملك فيحفظه حتي يدرك، ثم يبعث اليه ملكين يكتبان حسناته و سيئاته، فاذا جاءه الموت ارتفع ذانك الملكان، ثم جاءه ملك الموت يقبض روحه، فاذا أدخل حفرته رد الروح في جسده، ثم يرتفع ملك الموت، ثم جاءه ملكا القبر فامتحناه، ثم يرتفعان، فاذا قامت الساعة انحط عليه ملك الحسنات و ملك السيئات، و انتشطا كتابا معقودا في عنقه، ثم حضرا معه واحد سائق و الآخر شهيد، ثم قال الله تعالي: (لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطائك) [3] .

قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: و قول الله تعالي: (لتركبن طبقا عن طبق) [4] قال: حالا بعد حال، ثم قال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: ان قدامكم أمرا عظيما فاستعينوا بالله العظيم.

و عن أبي جعفر عليه السلام عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: من كان حسن الصورة في حسب لا يشينه متواضعا، كان من خالص الله عزوجل يوم القيامة.

و عن أبي عبدالله عن أبيه أبي جعفر عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين ابن علي عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: من نقله الله عزوجل من ذل المعاصي الي عز التقوي؛ أغناه بلا مال، و أعزه بلا عشيرة، و آنسه بلا أنيس، و من خاف الله أخاف الله منه كل شي ء، و من لم يخف الله أخافه الله من كل شي ء، و من رضي من الله باليسير من الرزق رضي الله منه باليسير من العمل، و من لم يستح من طلب المعيشة خفت مؤنته ورخي باله و نعم عياله، و من زهد في الدنيا ثبت الله الحكمة في قلبه و أنطق بها لسانه، و أخرجه من الدنيا سالما الي دار القرار.

غريب لم يروه مسندا مرفوعا الا العترة الطاهرة خلفها عن سلفها.

و عن أبي الصلت عبدالسلام بن صالح الهروي حدثني علي بن موسي الرضا، حدثني أبي موسي بن جعفر، حدثني أبي جعفر بن محمد، حدثني أبي محمد بن



[ صفحه 675]



علي، حدثني أبي علي بن الحسين، حدثني أبي حسين بن علي، حدثني أبي علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: حدثنا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عن جبرئيل عليه السلام قال: قال الله عزوجل من قائل: اني أنا الله الذي لا اله الا أنا فاعبدوني، من جاءني منكم بشهادة أن لا اله الا الله بالاخلاص دخل (في) حصني و من دخل (في) حصني أمن من عذابي.

ثابت مشهور بهذا الاسناد برواية الطاهرين عن آبائهم الطيبين، و كان بعض سلفنا من المحدثين اذا روي بهذا الاسناد حديثا قال: لو قري ء هذا الاسناد علي مجنون لأفاق.

قال الأنصاري: و قال أحمد بن رزين: سألت الرضا عن الاخلاص فقال: طاعة الله.

قلت: قد نقلت الحديث المذكور عن الرضا عن آبائه عليهم السلام من طريق آخر، و أنا أذكره ان شاء الله عند بلوغي الي ذكره عليه السلام (هذا آخر ما أردت نقله من كتاب حلية الأولياء).

قال الشيخ العالم أبومحمد عبدالله بن أحمد بن أحمد بن أحمد بن الخشاب رحمه الله: ذكر محمد الباقر بن علي سيد العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.

و بالاسناد الأول عن محمد بن سنان ولد محمد عليه السلام قبل مضي الحسين بن علي بثلاث سنين، و توفي و هو ابن سبع و خمسين سنة، سنة مائة و أربع عشرة من الهجرة، و أقام مع أبيه علي بن الحسين خمسا و ثلاثين سنة الا شهرين، و أقام بعد مضي أبيه تسع عشرة سنة، و كان عمره سبعا و خمسين سنة، و في رواية أخري قام أبوجعفر و هو ابن ثمان و ثلاثين سنة، و كان مولده سنة ست و خمسين، و قد أدركه جابر بن عبدالله الأنصاري و هو صغير في الكتاب، و أقرأه عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم السلام، و قال: هكذا أمرني رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، رواه أبوالزبير قال:

كنا عند جابر بن عبدالله فأتاه علي بن الحسين و معه ابنه محمد بن علي، فقال علي لمحمد: قبل رأس عمك، فدنا محمد من جابر فقبل رأسه، فقال جابر: من هذا؟ فقال: ابني محمد، فضمه جابر اليه و قال: يا محمد، محمد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقرأ عليك السلام، فقيل لجابر: و كيف ذاك؟ فقال: كنت مع رسول الله و الحسين في حجره و هو يلاعبه، فقال: يا جابر يولد لا بني الحسين ابن يقال له علي اذا كان يوم القيامة نادي مناد:



[ صفحه 676]



ليقم سيد العابدين، فيقوم علي بن الحسين، و يولد لعلي ابن يقال له محمد، يا جابر فان رأيته فاقرأه مني السلام، و اعلم أن بقاءك بعد رؤيته يسير، فما أتي علي جابر أيام يسيرة حتي مات.

قال علي بن عيسي أثابه الله: هذه فضيلة من فضائلهم عليهم السلام، و دليل من دلائلهم باقي علي مر الأيام، و منقبة من مناقبهم المروية علي لسان الخاص و العام، و عجيبة من عجائبهم التي يشهد بها كل الأقوام.



قال فيه البليغ ما قال ذو العي

فكل بفضله منطيق



و كذاك العدو لم يعد أن قال

جميلا كما يقول الصديق



قال: و حدثنا بذلك صدقة بن موسي بن تميم بن ربيعة بن ضمرة، ثم قال: حدثنا أبي عن أبيه عن أبي الزبير عن جابر بذلك.

أم محمد فاطمة أم الحسن بنت الحسن بن علي، لقبه باقر العلم، و الهادي، و الشاكر، ولد له ثلاث بنين و ابنة، أسماء بنيه عليهم السلام: جعفر الامام الصادق و عبدالله و ابراهيم و أم سلمة فقط، قبره بالبقيع، يكني بأبي جعفر (آخر كلامه).

و من كتاب الدلائل للحميري: عن يزيد بن أبي حازم قال: كنت عند أبي جعفر فمررنا بدار هشام بن عبدالملك و هي تبني، فقال: أما و الله لتهدمن، أما و الله لينقلن ترابها من مهدمتها، أما و الله لتبدون أحجار الزيت، و انه لموضع النفس الزكية، فتعجبت و قلت: دار هشام من يهدمها؟ فسمعت أذني هذا من أبي جعفر، قال: فرأيتها بعد ما مات هشام و قد كتب الوليد في أن تستهدم و ينقل ترابها، فنقل حتي بدت الأحجار و رأيتها.

و بالاسناد قال: كنت مع أبي جعفر فمر بنا زيد بن علي، فقال أبوجعفر: أما و الله ليخرجن بالكوفة و ليقتلن و ليطافن برأسه، ثم أتي به فنصب في ذلك الموضع علي قصبة، فتعجبنا من القصبة، و ليس في المدينة قصب أتوا بها معهم.

و عن أبي بصير قال: قال أبوجعفر: كان فيما أوصي أبي الي أن قال: يا بني اذا أنا مت فلا يلي غسلي أحد غيرك، فان الامام لا يغسله الا امام، و اعلم أن عبدالله خاك سيدعو الناس الي نفسه فدعه فان عمره قصير، فلما مضي أبي و غسلته كما أمرني و ادعي عبدالله الامامة مكانه، فكان كما قال أبي، و ما لبث عبدالله الا يسيرا حتي مات، و كانت هذه من دلالته يبشر بالشي قبل أن يكون فيكون و بها يعرف الامام.



[ صفحه 677]



و عن فيض بن مطر قال: دخلت علي أبي جعفر عليه السلام و أنا أريد أن أسأله عن صلاة الليل في المحمل، قال: فابتدأني فقال: كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يصلي علي راحلته حيث توجهت به.

عن سعد الاسكاف قال: طلبت الاذن علي أبي جعفر، فقيل لي: لا تعجل ان عنده قوما من اخوانكم، فما لبثت أن خرج علي اثنا عشر رجلا يشبهون الزط و عليهم أقبية ضيقات و خفاف، فسلموا و مروا، فدخلت علي أبي جعفر، فقلت له: ما عرفت هؤلاء الذين خرجوا من عندك من هم؟ قال: هؤلاء قوم من اخوانكم الجن، قال: قلت: و يظهرون لكم؟ فقال: نعم يغدون علينا في حلالهم و حرامهم كما تغدون.

و عن أبي عبدالله قال: سمعت أبي يقول ذات يقوم: انما بقي من أجلي خمس سنين، فحسبت ذلك فما زاد و لا نقص.

و عن محمد بن مسلم قال: سرت مع أبي جعفر ما بين مكة و المدينة و هو علي بغلة و أنا علي حمار له، اذ أقبل ذئب يهوي من رأس الجبل حتي دنا من أبي جعفر، فحبس البغلة و دنا الذئب حتي وضع يده علي قربوس سرجه و تطاول بخطمه اليه [5] و أصغي اليه أبوجعفر بأذنه مليا [6] ، ثم قال: اذهب فقد فعلت، فرجع الذئب و هو يهرول، فقال لي: تدري ما قال؟ فقالت: الله و رسوله و ابن رسوله أعلم، قال: انه قال لي: يابن رسول الله ان زوجتي في ذلك الجبل و قد عسر عليها ولادتها، فادع الله أن يخلصها و لا يسلط أحدا من نسلي علي أحد من شيعتكم، قلت: قد فعلت.

و عن عبدالله بن عطاء المكي قال: اشتقت الي أبي جعفر و أنا بمكة، فقدمت المدينة ما قدمتها الا شوقا اليه، فأصابني تلك الليلة مطر و برد شديد، فانتهيت الي بابه نصف الليل، فقلت: أطرقه الساعة أو أنتظره حتي يصبح، فاني لافكر في ذلك اذ سمعته يقول: يا جارية افتحي الباب لابن عطاء فقد أصابه في هذه الليلة بردا و أذي، قال: فجاءت ففتحت الباب و دخلت.

و عن أبي عبدالله قال: كنت عند أبي محمد بن علي في اليوم الذي قبض فيه فأوصاني بأشياء في غسله و كفنه و في دخوله قبره، قال: فقلت: يا أبة و الله ما رأيتك مذ



[ صفحه 678]



اشتكيت أحسن هيئة منك اليوم، ما أري عليك أثر الموت، فقال: يا بني أما سمعت علي بن الحسين ينادي من وراء الجدار: يا محمد تعال عجل!!

و عن حمزة بن محمد الطيار قال: أتيت باب أبي جعفر أستأذن عليه فلم يأذن لي و أذن لغيري، فرجعت الي منزلي و أنا مغموم، فطرحت نفسي علي سرير في الدار فذهب عني النوم فجعلت أفكر و أقول: الي من؟ الي المرجئة يقول كذا و القدرية تقول كذا، و الحرورية تقول كذا [7] ، و الزيدية تقول كذا، فيفسد عليهم قولهم، فأنا أفكر في هذا حتي نادي المنادي، فاذا الباب يدق، فقلت: من هذا؟ فقال: رسول أبي جعفر، فخرجت اليه فقال: أجب، فأخذت ثيابي علي و مضيت، فلما دخلت اليه قال: يابن محمد لا الي المرجئة و لا القدرية و لا الي الزيدية و لا الي الحرورية، ولكن الينا، انما حجبت لكذا و كذا، ففعلت و قلت به.

و عن مالك الجهني قال: كنت قاعدا عند أبي جعفر فنظرت اليه و جعلت أفكر في نفسي و أقول: لقد عظمك الله و كرمك و جعلك حجة علي خلقه، فالتفت الي و قال: يا مالك الأمر أعظم مما تذهب اليه.



[ صفحه 679]



و عن جابر قال: سمعت أباجعفر يقول: لا يخرج علي هشام أحد الا قتله، فقلنا لزيد هذه المقالة، فقال: اني شهدت هشاما و رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يسب عنده فلم ينكر ذلك و لم يغيره، فوالله لو لم يكن الا أنا و آخر لخرجت عليه.

و عن أبي الهذيل قال: قال لي أبوجعفر: يا أباالهذيل انه لا تخفي علينا ليلة القدر، ان الملائكة يطيفون بنا فيها.

و عن أبي عبدالله قال: كان في دار أبي جعفر فاختة فسمعها و هي تصيح، فقال: تدرون ما تقول هذه الفاختة؟ قالوا: لا، قال: تقول: فقدتكم فقدتكم نفقدها قبل أن تفقدنا، ثم أمر بذبحها (آخر ما أردت اثباته من كتاب الدلائل).

و نقلت من كتاب جمعه الوزير السعيد مؤيد الدين أبوطالب محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن العلقمي رحمه الله تعالي قال: ذكر الأجل أبوالفتح يحيي ابن محمد بن حياء الكاتب قال: حدث بعضهم، قال: كنت بين مكة و المدينة فاذا أنا بشبح يلوح من البرية يظهر تارة و يغيب أخري حتي قرب مني، فتأملته فاذا هو غلام سباعي أو ثماني، فسلم علي فرددت عليه السلام و قلت: من أين؟ قال: من الله، فقلت: و الي أين؟ قال: الي الله، قال: فقلت: فعلام؟ فقال: علي الله، فقلت: فما زادك؟ قال: التقوي، فقلت: ممن أنت؟ قال: أنا رجل عربي، فقلت: ابن لي، قال: أنا رجل قرشي، فقلت: ابن لي، فقال: أنا رجل هاشمي، فقلت: ابن لي، قال: أنا رجل علوي، ثم أنشد:



فنحن علي الحوض ذواده

نذود و يسعد وراده



فما فاز من فاز الا بنا

و ما خاب من حبنا زاده



فمن سرنا نال منا السرور

و من ساءنا ساء ميلاده



و من كان غاصبنا حقنا

فيوم القيامة ميعاده



ثم قال: أنا محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ثم التفت فلم أره، فلا أعلم أهل صعد الي السماء أم نزل الي الأرض.

و وقع الي عند الانتهاء الي أخبار مولانا أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهماالسلام كتاب جمعه الامام قطب الدين أبوالحسين سعيد بن هبة الله بن الحسن الراوندي رحمه الله و سماه كتاب الخرايج و الجرايح في معجزات النبي و الأئمة عليه و عليهم السلام، و لعلي مع مشية الله أختار منه ما أراه في أخبار النبي صلي الله عليه و آله و سلم و علي و الحسن و الحسين و علي بن الحسين عليهم السلام و أثبت كلا في بابه.



[ صفحه 680]




پاورقي

[1] الفرقان: 75.

[2] الانسان: 12.

[3] سورة ق: 22.

[4] الانشقاق: 19.

[5] الخطم من الدابة: مقدم أنفها و فمها.

[6] أي زمانا طويلا.

[7] المرجئة فرقة من العامة يعتقدون أنه لا يضر مع الايمان معصية كما أنه لا ينفع مع الكفر طاعة سموا مرجئة لأنهم قالوا ان الله أرجأ تعذيبهم علي المعاصي أي أخره و قد يطلق علي جميع العامة لتأخيرهم أميرالمؤمنين عليه السلام عن درجته الي الرابع.

و القدرية يطلق علي الجبري و التفويضي في الأخبار و كثيرا ما يطلق علي الثاني و عن شارح المقاصد أنه لا خلاف في ذم القدرية و قد ورد في صحاح الأحاديث لعن الله القدرية علي لسان سبعين نبيا و المراد بهم القائلون بنفي كون الخير و الشر كله بتقدير الله و مشيئته سموا ذلك لمبالغتهم في نفيه و قيل: لاثباتهم للعبد قدرة الايجاد و ليس بشي ء لأن المناسب حينئذ القدري بضم القاف.

و قالت المعتزلة: القدرية هم القائلون بأن الخير و الشكر كله من الله و بتقديره و مشيته و لأن الشايع نسبة الشخص الي ما يثبته و يقول كالجبرية و الحنفية و الشافعية لا الي ما ينفيه. ورد: بأنه صح من النبي صلي الله عليه و آله و سلم قوله: القدرية مجوس أمتي، و قوله: اذا قامت القيامة نادي منادي أهل الجمع: أين خصماء الله؟ فتقوم القدرية، و لا خفاء في أن المجوس هم الذين ينسبون الخير الي الله و الشر الي الشيطان و يسمونها يزدان و أهرمن، و ان من لا يفوض الأمور كلها الي الله تعالي و يفرز بعضها فينسبه الي نفسه يكون هو المخاطم لله تعالي، و أيضا من يضيف القدر الي نفسه و يدعي كونه الفاعل و المقدر أولي باسم القدري ممن يضيفه الي ربه.

و الحرورية: طائفة من الخوارج نسبوا الي الحروراء موضع قرب الكوفة. و قد ورد في ذم هؤلاء الطوائف أخبار كثيرة ففي خبر أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم رأي ليلة المعراج المرجئة و القدرية و الحرورية و بنومية و النواصب يقذف بهم في نار جهنم و قيل له: هؤلاء الخمسة لا سهم لهم في الاسلام.