بازگشت

متن رساله سعدية


بسم الله الرحمن الرحيم

«اما بعد فاني اوصيك بتقوي الله فان فيها السلامة من التلف و الغنيمة في المنقلب ان الله عز و جل نفي عن العبد ما عزب عنه عقله و يجلي بالتقوي عنه عماه و جهله و بالتقوي نجا نوح و من معه في السفينة و صالح و من معه من الصاعقة و بالتقوي فاز الصابرون و نجت تلك العصب من المهالك و لهم اخوان علي تلك الطريقة يلتمسون تلك الفضيلة نبذوا طغيانهم من الايراد بالشهوات لما بلغهم من المثلات حمدوا ربهم علي ما رزقهم و هو اهل الحمد و ذموا انفسهم علي ما فرطوا و هم اهل الذم و اعلموا ان الله تبارك و تعالي الحليم العليم انما غضبه علي من لم يقبل منه رضاه و انما يمنع من لم يقبل منه عطاه و انما يضل من لم يقبل منه هداه ثم امكن اهل السيئات من التوبة بتبديل الحسنات دعا عباده في الكتاب الي ذلك بصوت رفيع لم ينقطع و لم يمنع دعا عباده فلعن الله الذين يكلمون ما انزل الله و كتب علي نفسه الرحمه فسبقت قبل الغضب فتمت صدقا و عدلا فليس يبتدي ء العباد بالغضب قبل ان يغضبوه و ذلك من علم اليقين و علم التقوي»

«و كل امة قد رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه و ولاهم عدوهم حين تولوه و كان من نبذهم الكتاب ان اقاموا حروفه و حرفوا حدوده فهم يروونه و لا يرعونه و الجهال يعجبهم حفظهم للرواية و العلماء يحزنهم تركهم للرعاية و كان من نبذهم الكتاب ان ولوه الذين لا يعلمون فاوردوهم



[ صفحه 286]



الهوي واصدروهم الي الردي و غيروا عري الدين ثم ورثوه في السفه و الصباقه لامة يصدرون عن امر الناس بعد امر الله تبارك و تعالي و عليه يردون بئس للظالمين بدلا ولاية الناس بعد ولاية الله و ثواب الناس بعد ثواب الله و رضا الناس بعد رضا الله فاصبحت الامة كذلك و فيهم المجتهدون في العبادة علي تلك الضلالة معجبون - مفتونون فعبادتهم فتنة لهم و لمن اقتدي بهم قد كان الرسل ذكري للعابدين»

«ان النبي من الانبياء كان يستكمل الطاعة ثم عصي الله تبارك و تعالي في الباب الواحد فيخرج به من الجنة و ينبذه في بطن الحوت ثم لا ينجيه الا الاعتراف و التوبة فاعرف اشباه الاحبار و الرهبان الذين ساروا بكتمان الكتاب و تحريفه فما ربحت تجارتهم و ما كانوا مهتدين ثم اعرف اشباههم من هذه الامة الذين اقاموا حروف الكتاب و حرفوا حدوده فهم مع السادة الكثرة فاذا تفرقت قادة الاهواء كانوا مع اكثرهم دينا و ذلك مبلغهم من العلم لا يزالون كذلك في طبع و طمع فلا يزال يسمع صوت ابليس علي السنتهم بباطل كثير يصبر منهم العلماء علي الاذي و التعفيف و يعيبون علي العلماء بالتكليف و العلماء في انفسهم خانه ان كتموا النصيحة ان راواتائها ضالا يهدونه او ميتا لا يحبونه فبئس ما يصنعون لان الله اخذ عليهم الميثاق في الكتاب ان يأمروا بالمعروف و بما امروا به و ان ينهوا عما نهوا عنه و ان يتعاونوا علي البر و التقوي و لا يتعاونوا علي الاثم و العدوان فالعلماء من الجهال في جهد و جهاد ان وعظت قالوا طغت و ان علموا الحق الذي تركوه قالوا خالفت و ان اعتزلوهم قالوا فارقت و ان قالوا هاتوا برهانكم قالوا نافقت»

«و ان اطاعوهم فهلك جهال فيما لا يعلمون اميون فيما يتلون يصدقون بالكتاب عند التعريف يكذبون به عند التحريف فلا ينكرون اولئك اشباه الاحبار و الرهبان قادة الهوي سادة في الردي و آخرون منهم جلوس بين الضلالة و الهدي لا يعرفون احدي الطائفتين من الاخري يقولون ما كان الناس يعرفون هذا و لا يدرون ما هو و صدقوا تركهم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم



[ صفحه 287]



علي البيضاء ليلها من نهارها لم يظهر فيهم بدعة و لم يبدل فيهم سنة لا خلاف عندهم و لا اختلاف فلما غشي الناس ظلمة خطاياهم صاروا امامين داع الي الله تبارك و تعالي و داع الي النار فعند ذلك نطق الشيطان فعلا صوته علي لسان اوليائه و كثر رجله و خيله و شارك في الاموال و الولد من اشركه فعمل بالبدعة و ترك الكتاب و السنة و نطق اولياء الله بالحجة و اخذوا بالكتاب و الحكمة فتفرق من ذلك اليوم اهل الحق و اهل الباطل تخاذل و تهاون اهل الهوي و اهل الضلالة حتي كانت الجماعة مع فلان و اشباهه فاعرف هذا الصنف و صنف آخر فابصرهم رأي العين تحيي و الزمهم حتي ترد اهلك فان الخاسرين الذين خسروا انفسهم و اهليهم يوم القيمة الا ذلك هو الخسران المبين»