بازگشت

الوليد بن عبد الملك


86 - 96 ه‍. ق

ويأتي الوليد إلي المنبر بعد دفن أبيه ليتكلم للناس ومن جملة قوله " أيها الناس عليكم بالطاعة ولزوم الجماعة أيها الناس من أبدي لنا ذات نفسه ضربنا الذي فيه عيناه ومن سكت مات بدائه " [1] وهو الذي يقول فيه المؤرخون أنه " كان جبارا عنيدا " [2] لا يتوقف عند الغضب ولا ينظر في عاقبه ولا يكلم عند سطوته تهون عليه الدماء " [3] كان أبواه يترفانه فشب بلا أدب [4] ، ومن جرأته علي الله قوله " لولا أن الله ذكر آل لوط في القرآن ما ظننت أن أحدا يفعل هذا " [5] .

قال عمر بن عبد العزيز - وكان الوليد بالشام والحجاج بالعراق وعثمان بن حبارة في الحجاز ومرة بن شريك بمصر - امتلأت الأرض والله جورا " [6] كان من ولاته علي المدينة سنة 93 ه‍. ق وما بعدها الجلاد عثمان بن حيان الذي ما وصل المدينة حتي صعد المنبر ليقول " أيها الناس إنا وجدناكم أهل غش لأمير المؤمنين في قديم الدهر وحديثه وقد ضوي



[ صفحه 35]



إليكم من يزيدكم خبالا أهل العراق هم أهل الشقاق والنفاق هم والله عش النفاق وبيضته التي تفلقت عنه. والله ما جربت عراقيا قط إلا وجدت أفضلهم عند نفسه الذي يقول في آل أبي طالب ما يقول وما هم لهم بشيعة وأنهم لأعداء لهم ولغيرهم. ولكن لما يريد الله من سفك دمائهم فإني والله لا أوتي بأحد آوي أحدا منهم أو إكراه منزلا ولا أنزله إلا هدمت منزله وأنزلت به ما هو أهله. وهكذا يتهجم علي العراقيين إلي أن يقول: والله إني لأتقرب إلي الله بكل ما أفعل بهم لما عرفت من رأيهم ومذاهبهم ثم يهدد أهل المدينة فيقول: يا أهل المدينة خبرة من الخلاف، والله ما أنتم بأصحاب قتال، فكونوا من أحلاس - بيوتكم و عضوا علي النواجذ فإني قد بعثت في مجالسكم من يسمع فيبلغني عنكم أنكم في فضول كلام غيره ألزم لكم فدعوا عيب الولاة " [7] .

أنه لم يقل ما قال ولا فعل فعلته بأهل المدينة إلا لأن الشيعة من أهل العراق الذين أس فيهم الحجاج قتلا لم يروا بدا من الهرب إلي أنحاء البلاد فهرب قسم كبير منهم إلي مدينة الرسول (ص) ومكة المكرمة حفظا لأرواحهم فلما أبلغ الحجاج الوليد بهرب الشيعة إلي نواحي مكة والمدينة عزل الوليد عمر بن عبد العزيز وأبدله بعثمان هذا، ليضيق عليهم ويلقي القبض علي من تمكن منهم ثم يبعثهم إلي الحجاج في العراق. وإذا كان ذلك التقتيل والتشريد مصير من هو علي مذهب علي (ع) تري كيف يكون حال أبناء علي أنفسهم في ظل حكم هذا الطاغوت؟



[ صفحه 36]



لنترك عثمان والمدينة ولنذهب إلي مكة المكرمة لنستمع إلي والي الخليفة الوليد علي مكة المسمي ب‍ خالد بن عبد الله القسري.. فهو ما أن ولي حتي ارتقي المنبر وكان من جملة ما قال " لو أني أعلم أن هذه الوحوش التي تأمن في الحرم لو نطقت لم تقر بالطاعة لأخرجتها منه فعليكم بالطاعة ولزوم الجماعة فإني والله لا أوتي بأحد يطعن علي إمامه إلا صلبته في الحرم " [8] .

ثم يقصد الوليد عماد آل هاشم سيد الساجدين وزين العابدين فيدس إليه السم سنة 95 ه‍. ق... وهكذا ينتهي حكم الوليد سنة 96.


پاورقي

[1] الطبري ج 5 ص 214.

[2] نفس المصدر.

[3] التنبيه والأشراف ص 274.

[4] تاريخ الخلفاء ص 223.

[5] تاريخ الخلفاء ص 223.

[6] تاريخ الخلفاء ص 223.

[7] الطبري ج 5 ص 259.

[8] الكامل لابن أثير ج 4 ص 118.