بازگشت

التراث التفسيري للإمام محمد الباقر


لا ريب في ان القرآن الكريم هو أول مصادر التشريع الاسلامي وأهم مصادر الثقافة الإسلامية التي تعطي للاُمة الإسلامية وللرسالة الإلهية هويّتها الخاصة وتسير بالاُمة الي حيث الكمال الانساني المنشود.

وقد اعتني الإمام الباقر (عليه السلام) كسائر الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) بالقرآن الكريم تلاوةً وحفظاً وتفسيراً وصيانةً له عن أيدي العابثين وانتحال المبطلين، فكانت محاضراته التفسيرية للقرآن الكريم تشكّل حقلاً خصباً لنشاطه المعرفي وجهاده العلمي وهو يرسم للاُمة المسلمة معالم هويتها



[ صفحه 215]



الخاصة. ومن هنا خصص الإمام (عليه السلام) للتفسير وقتاً من أوقاته وتناول فيه جميع شؤونه. وقد أخذ عنه علماء التفسير ـ علي اختلاف آرائهم وميولهم ـ الشيء الكثير [1] فكان من ألمع المفسّرين للقرآن الكريم في دنيا الإسلام.

وقد نهج الإمام الباقر (عليه السلام) في تفسير القرآن الكريم منهجاً علميّاً خاصاً متّسقاً مع أهداف الرسالة واُصولها ونعي علي أهل الرأي والاستحسان وأهل التأويل والظنون، فكان مما اعترض به علي قتادة أن قال له:

بلغني أنك تفسّر القرآن!.

فقال له: نعم.

فانكر عليه الإمام (عليه السلام) قائلاً: «يا قتادة إن كنت قد فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت، وإن كنت قد فسرته من الرجال فقد هلكت وأهلكت، يا قتادة ويحك إنما يعرف القرآن من خوطب به» [2] .

وقد قصر الإمام أبو جعفر (عليه السلام) معرفة الكتاب العزيز علي أهل البيت (عليهم السلام) فهم الذين يعرفون المحكم من المتشابه، والناسخ من المنسوخ وليس عند غيرهم هذا العلم، فقد ورد عنهم (عليهم السلام) «انه ليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن، الآية يكون أولها في شيء وآخرها في شيء وهو كلام متصل ينصرف الي وجوه» [3] .

أما الأخذ بظواهر الكتاب فلا يعد من التفسير بالرأي المنهيّ عنه.

وأ لّف الإمام الباقر (عليه السلام) كتاباً في تفسير القرآن الكريم نص عليه



[ صفحه 216]



محمد بن اسحاق النديم في «الفهرست» عند عرضه للكتب المؤلفة في تفسير القرآن الكريم حيث قال: «كتاب الباقر محمد بن علي بن الحسين رواه عنه أبو الجارود زياد بن المنذر رئيس الجارودية». وقال السيد حسن الصدر: وقد رواه عنه أيام استقامته جماعة من ثقاة الشيعة منهم أبو بصير يحيي بن القاسم الأسدي، وقد أخرجه علي بن ابراهيم بن هاشم القمي في تفسيره من طريق أبي بصير [4] .


پاورقي

[1] حياة الإمام محمد الباقر، باقر شريف القرشي: 1 / 174.

[2] البيان في تفسير القرآن: 267.

[3] فرائد الاصول: 28.

[4] تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: 327، الفهرست للشيخ الطوسي: 98، وحقق هذا التفسير المحامي السيد شاكر الغرباوي إلاّ انه لم يقدمه للنشر.