بازگشت

الولادة و النسب


قال الأب: في السنة السابعة و الخمسين للهجرة النبوية الشريفة و بالتحديد في العشرين من رجب، كانت هناك بشري زفت للامام الحسين بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام بولادة مولود مبارك لآل بيت النبوة الأطهار، ولدته علوية طاهرة، هي فاطمة بنت الامام الحسن بن علي عليهماالسلام، و التي هي زوجة للامام زين العابدين عليه السلام [1] .

و في رواية أن ولادته عليه السلام كانت في الثالث من صفر سنة سبع و خمسين للهجرة [2] .

و قيل أن ولادته عليه السلام كانت سنة تسع و خمسين للهجرة [3] .

و القول الأول هو المشهور في ولادته عليه السلام. و أنه ولد في مدينة رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم فهذا متفق عليه.

سمي المولود: محمد، وكني بأبي جعفر، و كان رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم قد لقبه منذ زمان بالباقر عليه السلام.



[ صفحه 128]



الابن الأكبر: و كيف لقبه رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم بالباقر يا أبي؟

الأب؛ نقل عن ابن الزبير محمد بن مسلم المكي قال: كنا عند جابر بن عبدالله، فأتاه علي بن الحسين عليهماالسلام و معه ابنه محمد و هو صبي، فقال علي عليه السلام لابنه محمد عليه السلام: قبل رأس عمك، فدنا محمد عليه السلام من جابر، فقبل رأسه، فقال جابر: من هذا؟ و كان جابر قد كف بصره، فقال الامام علي بن الحسين عليهماالسلام: هذا ابني محمد.

فضمه جابر اليه و قال: يا محمد، محمد رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم يقرأ عليك السلام، فقالوا لجابر: كيف ذلك يا أبا عبدالله؟ فقال: كنت مع رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم، و الحسين عليه السلام في حجره، و هو يلاعبه، فقال صلي الله عليه وآله و سلم: يا جابر، يولد لابني الحسين ابن يقال له علي، اذا كان يوم القيامة، نادي مناد: ليقم سيد العابدين، فيقوم علي بن الحسين عليهماالسلام.

و يولد لعلي ابن، يقال له محمد، يا جابر، ان رايته فاقرئه مني السلام، و اعلم، أن بقاءك بعد رؤيته يسير [4] .

و في رواية أخري عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال: قال لي رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم: يوشك أن تبقي حتي تلقي ولدا من الحسين، يقال له محمد، يبقر علم الدين بقرا، فاذا لقيته فاقرئه مني السلام [5] .

و في رواية أنه سمي الباقر لما روي عن جابر بن عبدالله الأنصاري، عن رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم أنه صلي الله عليه وآله و سلم قال له: يا جابر، انك



[ صفحه 129]



ستعيش حتي تدرك رجلا من أولادي، اسمه اسمي، يبقر العلم بقرا، فاذا رأيته فاقرئه مني السلام [6] .

و روي عن ميمون القداح عن الامام جعفر الصادق عليه السلام، عن أبيه الباقر عليه السلام قال: دخلت علي جابر بن عبدالله رحمة الله عليه، فسلمت عليه، فرد علي السلام، ثم قال لي: من أنت؟ و ذلك بعدما كف بصره، فقلت محمد بن علي، فقال جابر: يا بني، ادن مني، فدنوت منه، فقبل يدي، ثم أهوي علي رجلي ليقبلها، فتنحيت عنه، فقال لي: ان رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم يقرؤك السلام، فقلت: و علي رسول الله السلام و رحمته و بركاته، و كيف يا جابر؟ فقال: كنت معه ذات يوم، فقال لي: يا جابر، لعلك أن تبقي الي أن تلقي (حتي تلقي) رجلا من ولدي، يقال له محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام، يهب الله له النور و الحكمة، فاقرئه مني السلام [7] .

و روي عن الامام الصادق عليه السلام أن رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم قال ذات يوم لجابر: يا جابر، انك ستبقي حتي تلقي ولدي محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام المعروف في التوراة بالباقر، فاذا لقيته فاقرئه مني السلام. [8] .

كما و روي أن زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام حينما وفد علي هشام بن عبدالملك، قال له هشام: ما فعل أخوك البقرة (يعني بذلك الباقر عليه السلام) فقال له زيد: لشد ما خالفت رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم، سماه الباقر، و سميته البقرة، لتخالفنه يوم القيامة: يدخل هو الجنة، و تدخل أنت النار [9] .



[ صفحه 130]



لأجل هذه الأحاديث التي رويت، لقب الامام محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام بالباقر، و كان عليه السلام أهلا لهذه التسمية، فقد روي عنه معالم الدين، دونا عن من عاصره من الصحابة، و التابعين و فقهاء المسلمين، حتي صار بعلمه و فضله علما تضرب به الأمثال، و فيه قال القرطي:



يا باقر العلم لأهل التقي

و خير من لبي علي الأجبل



و في رواية: أنه عليه السلام سمي الباقر: من بقر الأرض، أي شقها و آثار مخبأتها و مكانها [10] ، و الأصوب أنه عليه السلام بقر العلم و أخرج مكامنه و أسراره و نشرها بين الناس ينتفعون بها في الدنيا، و تكون ذخيرة لهم في الآخرة، تماما كما فعل جده المصطفي و وصيه المرتضي و الحسنين عليهم سلام الله و بركاته، و كما انتهج أبوه السجاد زين العابدين عليه السلام، و هي عين مهمتهم التي خصهم الله تعالي بها حين قال جل من قائل: (فسئلوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون).

الابن الأكبر: و هل لقب الامام الباقر عليه السلام بغير هذا اللقب يا أبي؟

الأب: قيل أنه له عليه السلام غير هذا اللقب، حيث لقب بالهادي و الشاكر [11] الا أن لقبه الباقر هو المشهور بين العامة و الخاصة.

الابن الأكبر: حدثنا يا أبي، كيف نشأ الامام الباقر عليه السلام و ممن اكتسب علومه؟



[ صفحه 131]



الأب: قبل كل شي ء يجب أن نعرف شيئا مهما، ألا و هو أن الأئمة الأطهار قد ورثوا علم رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم، و ان الله تعالي قضي بتطهيرهم في كتابه العزيز بقوله تعالي: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا).

ثم تابع الأب حديثه: و قد تحدثنا بذلك قبل هذا اليوم، و تعرضنا له أيضا في مرات عديدة بشي ء من الاختصار، و من خلال ذلك فعلمهم لم يكن تعلما و انما هو هبة من الله تعالي لهم.

أما بالنسبة لقولك كيف نشأ الامام الباقر عليه السلام، فهذا ما يمكننا أن نتعرف عليه من خلال معرفتنا بتاريخ ولادته حتي بلغ فيما روي خمسا و خمسين سنة حيث كانت فيها وفاته عليه السلام، و من خلال معرفتنا بذلك: يظهر لنا أنه عليه السلام ولد قبل استشهاد الامام الحسين عليه السلام بثلاث سنين كما هو المشهور، و الطفل في مثل هذا العمر لا بد أن يكتسب من الذين حوله ولو قليلا من السلوكيات، أما الفترة التي عاشها الامام الباقر عليه السلام مع أبيه، ابتداء من ولادته عليه السلام حتي وفاة أبيه سنة خمس و تسعين للهجرة، فهي ثمان و ثلاثين سنة و في رواية أنه عليه السلام أقام مع أبيه خمسا و ثلاثين سنة الا شهرين. [12] .

و هذا يعني أنه اكتسب عن أبيه الامام زين العابدين عليه السلام خصائصه و مميزاته التي يكفي أن قيل فيه: أنه زين العابدين و سيد الساجدين، و بوفاة أبيه السجاد عليه السلام فقد ورث الامام الباقر عليه السلام عن أبيه، الامامة من بعده، و برز علي اخوانه في العلم و الزهد





[ صفحه 132]



و السؤدد، و كان أنبههم ذكرا، و أجلهم في العامة و الخاصة، و أعظمهم قدرا، و ما ظهر عن أحد من ولد الامام الحسن عليه السلام أو الحسين عليه السلام من علم الدين و الآثار و السنن، و علم القرآن و السيرة، و فنون الآداب، ما ظهر عن أبي جعفر محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام [13] .

و من خلال تواجد الامام الباقر عليه السلام مع أبيه خلال فترة امامة السجاد عليه السلام، فقد تعرف علي سلوكيات من حولهم و نفسياتهم، و الدور الذي لعبه بنوأمية و عمالهم سواء في الضغط علي العلويين، و قتل من يخافون استمرار حياته، أو بالأذي الذي عرضوا له كل من ناصر آل البيت النبوي الأطهار و شايعهم.

الابن الأكبر: من خلال ما حدثتنا يا أبي أن الامام محمد الباقر عليه السلام قد ورث العلم و الحلم و الحكمة من جديه الحسن و الحسين عليهماالسلام؟

الأب: أحسنت يا ولدي، فهذه التفاتة ذكية منك، فهو من ناحية الأب ابن علي بن الحسين عليهماالسلام، و من ناحية الأم فهو ابن فاطمة بنت الحسن عليه السلام، و هذا يعني أنه ورث كل الخير و الصلاح و الفضل منهما الاثنين، و أزيدك علما، أن الامام الباقر عليه السلام هو أول علوي تولد بين علويين [14] .

و مما يروي أن نقش خاتمه عليه السلام، كما روي عن الامام الصادق عليه السلام قال: كان علي خاتم محمد بن علي: ظني بالله حسن، و بالنبي المؤتمن، و بالوصي ذي المنن، و بالحسين و الحسن [15] .



[ صفحه 133]



و في رواية ثانية عن الامام الرضا عليه السلام قال: كان نقش خاتم الحسين عليه السلام: ان الله بالغ أمره، و كان علي بن الحسين عليهماالسلام يختم بخاتم أبيه، و كان محمد بن علي عليهماالسلام يختم بخاتم الحسين عليه السلام.

الابن الأكبر: حدثنا يا أبي عن خصائص و سمات الامام محمد الباقر عليه السلام.

الأب: لو أردنا الحديث عن خصائص و سمات الامام الباقر عليه السلام بشكل عام و دون أن نخصص لكل سمة و خصوصية حديثا، لكفانا أن نقول أنه ورث عن أبيه عليهماالسلام كل خصائصه و سماته، فقد كان عالما عابدا، ورعا سخيا كريم الأخلاق، محبا للخير... و باختصار فهم من تربوا كما شاء الله لهم، ليكونوا أئمة للناس، و حجة لله تعالي علي خلقه، و معلوم أن من كانت هذه مكانته يجب أن يحمل خير الخصال و أحسن الفعال.

الابن الأكبر: أنا أعرف يا أبي، أن الامام ما دام قدوة للمؤمنين يجب أن يكون حاملا كل فضيلة و مكرمة، ولكن أريد منك أن تحدثنا عن كل واحدة من مميزاته و خصاله.

الأب: لو أردنا الحديث عن كل هذه الأمور التي ذكرتها، لاحتجنا الي زمن طويل، و مع ذلك فسنكون مقصرين، الا أنني سأختار لكم بعض خصائصه عليه السلام و مميزاته، و سأحدثكم عنها بايجاز.

الابن الأكبر: كما تشاء يا أبي، المهم أن نتعرف أكثر علي فضائل الامام الباقر عليه السلام و مميزاته التي امتاز بها علي من حوله في زمان امامته.

الأب: نعم يا ولدي، ولكن سنبدأ الحديث عن ذلك يوم غد ان شاء الله.



[ صفحه 134]




پاورقي

[1] جلاء العيون: للسيد عبدالله شبر: ج 3.

[2] كشف الغمة: للآربلي: ج 2.

[3] عمدة الطالب: ص 195.

[4] كشف الغمة: ج 2، ص 331. و ذكر الحديث أيضا في: ص 348 عن محمد بن سنان.

[5] كشف الغمة: ج 2، ص 336.

[6] عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب: ص 194.

[7] كشف الغمة: ج 2، ص 335.

[8] جلاء العيون: للسيد عبدالله شبر، ج 3، ص 17.

[9] عمدة الطالب: ص 194.

[10] الصواعق المحرقة: لابن حجر، ص 201.

[11] كشف الغمة: ج 2، ص 329. و كذلك ص 349.

[12] جلاء العيون: ج 3، ص 31.

[13] راجع المفيد في الارشاد باب ذكر الامام القائم بعد علي بن الحسين عليهماالسلام.

[14] راجع جلاء العيون: ج 3، ص 17 عن الآمالي. و العيون عن الامام الرضا عليه السلام.

[15] راجع جلاء العيون: ج 3، ص 17.